المقصد التعبدي للأضحية
وحال بعض الناس فيها
قد يعزب عن بعض المسلمين اليوم ويغيب عن أذهانهم ونياتهم ومقاصدهم المعنى الإيماني والمقصد التعبدي في الأضحية والذبيحة، فتجدهم يحرصون على الأضحية لمقاصد ونيات أخرى!!! مثل :
*مباهاة الجيران والأصدقاء!!!
*أو لأجل فرح الأطفال وسرورهم!!!
*أو الحرص على كثرة اللحم وامتلاء الثلاجة به !!!
لاسيما فيمن لايملك ثمنها، ولايقدر عليها ، فيقوم ويسأل الناس !
وكأنه لا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قد ضحى عنه، وعمن عجز ولم يضح من أمته .
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْتُ
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ، وَأُتِيَ بِكَبْشٍ، فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ، وَقَالَ : " بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي ". رواه أحمد و أبوداود والترمذي
وقد بين الله في كتابه العظيم المقاصد والحكم الجليلة، والمعاني التعبدية والإيمانية العظيمة، الكامنة في الأضحية لمن أراد التقرب إلى الله، والتعبد له جل في علاه .
فقال سبحانه : { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
ومعنى الآية : وجعلنا لكم نَحْرَ البُدْن من الإبل والبقر من شعائر الدين الظاهرة، ومعالمه البارزة ؛ لتتقربوا
بها إلى الله، لكم فيها- أيها المتقربون -خير وبركة في منافعها من الأكل والصدقة والثواب والأجر، فقولوا
عند ذبحها: بسم الله.
وقوله { صواف } أي صافة على أقدامها لأن الإبل تنحر واقفة قد صُفَّتْ ثلاث من قوائمها وقُيِّدت الرابعة، { فإذا وجبت} أي سقطت جنوبها على الأرض فقد حلَّ أكلها، فليأكل منها المتقربون بها تعبدًا لله، ويُطْعِمُوا منها القانع -وهو الفقير الذي لم يسأل تعففًا- والمعترَّ الذي يسأل لحاجته، هكذا سخَّر الله البُدْن لكم، لعلكم تشكرون الله على تسخيرها لكم .
وقال تعالى : { لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }
ومعنى الآية : لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء، ولكن يناله: الإخلاص فيها، وأن يكون القصد بها وجه الله وحده، والتقرب إليه تعالى، كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون- لتعظموا الله، وتشكروا له ، على ما هداكم من الحق، فإنه أهلٌ لذلك . .
وقال تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }
ومعنى الآية : ولكل جماعة مؤمنة سلفت، جعلنا لها مناسك مِنَ الذبح وإراقة الدماء؛ وذلك ليذكروا اسم الله تعالى عند ذبح ما رزقهم مِن هذه الأنعام ويشكروا له.
فمعبودكم -أيها الناس- معبود واحد هو الله فانقادوا لأمره وأمر رسوله.
وبشِّر - أيها النبي- المتواضعين الخاضعين لربهم بخيرَي الدنيا والآخرة.
فلا يليق بالمؤمن، ولا ينبغي للمسلم أن تتلاشى من قلبه هذه المعاني الإيمانية، و وتغيب عن حضوره هذه المقاصد والحقائق التعبدية..
فتدخل عليه آفات تنقص أجره، أو تخدش عمله، وتبطل ثوابه مثل
المباهاة والمفاخرة !!! أو الحياء والخجل من الناس لأنه ليس عنده أضحية!!!
أو النظر إلى سرور الأطفال وفرحهم فقط !!!
أو أن يكون همه وغايته الحرص على كثرة اللحم وامتلاء الثلاجة به !!!
مع أن الشرع المبارك، والدين القيم، لايمنع أن تكون هذه النيات والمطالب والحاجيات تبعا للإخلاص لله، والتقرب إليه، واستشعار المعنى التعبدي في الذبائح والأضاحي، فينوي الإخلاص لله بالتقرب والتعبد، ثم ينوي بعد ذلك إدخال السرور على الأولاد، والاستمتاع بكثرة اللحم وغير ذلك .
لكن الحذر أن تكون هذه الأمور هي المقصد المنظور، والحاضر الوحيد في القلوب في " الأضحية "
فانتبه أيها المسلم الصادق المتعبد لله تعالى والمحب له جل جلاله .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .